
من الأخبار 24
لجنة التعليم والثقافة والاتصال تصادق
صادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، فجر اليوم الثلاثاء، بالأغلبية، ضمن خطوة تشريعية أثارت نقاشا واسعا، على مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، جاءت هذه المصادقة في ظل أجواء مشحونة بالنقاشات التقنية والسياسية، عكست حساسية الموضوع وتشعباته، بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، الذي لعب دورا محوريا في تيسير النقاش وتوضيح خلفيات المشروع.
كثرة التعديلات تعكس عمق الخلاف
حظي مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بتأييد 18 نائبا، مقابل اعتراض 7 آخرين، دون تسجيل أي حالة امتناع عن التصويت، ما يعكس توازنا هشا داخل اللجنة مما يؤشر على تباين واضح في الرؤى بشأن مستقبل هذه الهيئة التنظيمية، وقد خضعت مختلف بنود النص التشريعي خلال الاجتماع لنقاش معمق، موزع على 249 تعديلا شمل جميع الجوانب، من الأحكام العامة، إلى هيكلة المجلس وصلاحياته، وآليات انتخاب أعضائه، وصولا إلى نظامه المالي والإداري، يعكس هذا العدد الكبير من التعديلات حيوية النقاش داخل المؤسسة التشريعية، لكنه يفضح في الوقت ذاته وجود خلافات عميقة حول الأسس الفلسفية والهيكلية لتنظيم الحقل الصحافي.
الانتداب يشعل الخلاف داخل اللجنة
أثارت إحدى أكثر النقاط حساسية داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال جدلا واسعا، تتعلق بآلية اختيار ممثلي فئة الناشرين داخل المجلس الوطني للصحافة، في وقت شددت فيه المعارضة على ضرورة اعتماد الانتخاب بدل الانتداب، باعتباره تجسيدا لجوهر الممارسة الديمقراطية وضمانا لاستقلالية المجلس وتمثيليته، حيث دافع وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، عن الصيغة المعتمدة، موضحا أن الفصل بين الانتخاب بالنسبة للصحافيين والانتداب بالنسبة للناشرين يستند إلى خصوصية كل فئة، واعتبر أن الانتداب لا يلغي التمثيلية بقدر ما يعكس توافقات مهنية داخلية قائمة، رغم الكم الكبير من التعديلات المقترحة، التي ناهزت 249، لم تعتمد سوى 45 منها، ومن أبرز التعديلات التي تم قبولها، حذف عقوبة توقيف إصدار الصحف الورقية أو الإلكترونية لمدة لا تتجاوز 30 يوما، إذ كانت العقوبة مدرجة بالباب المتعلق بالإجراءات التأديبية، وقد بررت فرق الأغلبية هذا التعديل بضرورة الانسجام مع التوجهات الدستورية للمملكة، خاصة ما يتعلق بضمان حرية التعبير والحماية القانونية للصحافة المستقلة.
إجماع جزئي يعكس لحظة التوافق
طغت نقاشات حادة في جلسة مشروع القانون، وسجلت لحظة توافق لافتة للمصادقة بالإجماع على عدد من المواد المحورية، أبرزها المادة 68 الخاصة بمسطرة الوساطة، التي حددت مدتها في ثلاثة أشهر، والمادة 82 التي تنظم آلية إحالة الشكايات إلى لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، وقد اعتُبر هذا التوافق خطوة مهمة لتكريس الشفافية ومساطر الاشتغال داخل المجلس، ونوه وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، في ختام الجلسة، بروح الانخراط الجماعي التي رافقت مسار إعداد المشروع، مشيدا بالمقاربة التشاركية التي ساهمت في بلورته، كما ذكر بالسياق الاستثنائي الذي أملته الضرورة القانونية، في ظل تعثر تنظيم الانتخابات المهنية، والحاجة الملحة لضمان استمرارية مؤسسة يستند لها التأطير والممارسة الصحافية، وصون توازنها المهني والأخلاقي.
إصلاح المجلس بين التنظيم والجدل الديمقراطي
تعددت المواقف حول مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بين من يرى فيه خطوة ضرورية نحو إرساء مزيد من المهنية والفعالية في تدبير القطاع، ومن يعتبره تراجعا عن مكتسبات ديمقراطية تمس بحرية الصحافة واستقلالية مؤسساتها، يعكس هذا الانقسام العمق الحقيقي للنقاش الدائر حول النص، الذي يقف عند تقاطع حساس بين منطق الضبط والتنظيم الذي تتبناه السلطة التشريعية، وتطلعات الجسم الإعلامي إلى تكريس تمثيلية ديمقراطية تحترم استقلالية المهنة، يبدو المشروع في هذا السياق بمثابة اختبار دقيق لتوازن القوى بين مختلف الفاعلين، في ظل دستور يضع حرية الصحافة ضمن الثوابت المؤطرة للنظام الديمقراطي المغربي